قصر زيزينيا
تخطيط الرحلات والتنقل
عمر عبدالعزيز
2025-03-24
5479
قصر زيزينيا
مدينة الإسكندرية تحمل الكثير من المعالم السياحية المميزة، والتي تتميز بجمالها أو بغموضها في بعض الأحيان، لكن من أهم المعالم السياحية في الإسكندرية هو قصر الصفا او كما اشتهر بإسم "زيزينيا"، ويعد هذا القصر من أهم الأماكن السياحية المتواجدة في محافظة الإسكندرية نظرا لفخامته ومنظره الخلاب والألغاز المحيطة حوله. لذلك، سنتحدث في هذا المقال عن قصر زيزينيا والمميزات المحيطة به ولماذا سُمى قصر زيزينيا بهذا الإسم.
قبل الحديث عن ما بداخل قصر زيزينيا، يجب في البداية التعريف بقصر زيزينيا وما سبب شهرته بذلك الاسم بالتحديد.
يُعتبر قصر زيزينيا من أبرز المعالم التاريخية في مدينة الإسكندرية، حيث يعود بناؤه إلى القرن التاسع عشر على يد البارون جيوفاني زيزينيا، وهو تاجر قطن يوناني الأصل كان من كبار رجال الأعمال في مصر خلال تلك الحقبة، ويقع القصر في حي زيزينيا الفاخر، الذي استمد اسمه من مؤسسه، ليصبح شاهدًا على فترة ازدهار الإسكندرية كمركز تجاري وثقافي بارز.
عند دخول قصر زيزينيا، يمكن رؤية معالم تاريخية خلابة عبارة عن فخامة أوروبية ممزوجة بالذوق الشرقي الأصيل من حيث التصميم المعماري للقصر، ويوجد بها أيضا ما يلي:
عند اقترابك من القصر، تستقبلك بوابة ضخمة مزخرفة تقودك إلى ممر مبلط بأحجار أنيقة، يفضي إلى المدخل الرئيسي، وهنا، ستجد أعمدة رخامية ضخمة تدعم السقف المرتفع، فيما تمتد السلالم العريضة المغطاة بالسجاد الفاخر ترشدك نحو البهو المركزي، حيث تتدلى ثريات كريستالية ضخمة تعكس وهج الضوء بألوان زاهية مما يضفي على المكان جوًا ملكيًا ساحرًا.
يضم قصر زيزينيا عددًا من الصالونات الفخمة، كل منها مصمم بأسلوب معماري مختلف يعكس الطابع الأوروبي الكلاسيكي الممزوج بالفن العثماني، وتتزين الجدران بالزخارف الذهبية واللوحات الزيتية النادرة، بينما تُغطى الأرضيات بألواح خشبية من أندر الأنواع تعكس أناقة تلك الحقبة، وفي بعض الغرف، تجد أثاثًا فرنسيًا يعود إلى عصر لويس الرابع عشر، بينما تحتوي أخرى على مقاعد مزخرفة ومرايا ضخمة ذات إطارات ذهبية مما يعكس الذوق الرفيع لصاحب القصر.
تُعد مكتبة القصر من أهم أجزائه، حيث تضم مئات الكتب النادرة والمخطوطات القديمة التي تتناول موضوعات متنوعة مثل التاريخ والأدب والفنون والفلسفة، ورفوفها الخشبية المهيبة تحمل مجلدات مذهبه، فيما تنتشر في أرجائها طاولات خشبية مزينة بالنقوش اليدوية والتي كانت تُستخدم في القراءة وكتابة المراسلات.
تحيط بقصر زيزينيا حدائق غنَّاء تمتد على مساحة واسعة، مزروعة بأشجار النخيل العالية، وأزهار نادرة مستوردة من أوروبا وآسيا، وتنتشر في أرجاء الحديقة نافورات حجرية منحوتة، بالإضافة إلى تماثيل رخامية تعود لعصور النهضة الأوروبية، مما يضفي على المكان طابعًا كلاسيكيًا فريدًا.
يُعد قصر زيزينيا أحد أكثر المعالم غموضًا في مدينة الإسكندرية، فهو ليس مجرد تحفة معمارية فاخرة، بل كان شاهدًا على أحداث غريبة ومثيرة للجدل، جعلته مصدرًا للعديد من الروايات والأساطير التي تناقلتها الأجيال على مر العقود، وتلك الأحداث الغريبة التي تسببت في اثارة الجدل والغموض لقصر زيزينيا هى كالأتي:
على الرغم من فخامة القصر وعراقته، إلا أن بعض أجزائه بقيت مغلقة لسنوات طويلة دون تفسير واضح، وتنقل السكان المحليون حكايات عن أصوات غامضة تتردد في أروقة القصر بعد منتصف الليل، وهمسات خفية لا يُعرف مصدرها، ويعتقد البعض أن تلك الأصوات تعود إلى أرواح مجهولة ارتبطت بالقصر في الماضي، بينما يرى آخرون أنها مجرد أوهام نسجها الخيال الشعبي.
بينما تتجول داخل قصر زيزينيا، قد تلاحظ بابًا قديمًا مغلقًا بإحكام، يقال إنه لم يُفتح منذ عقود، ووفقًا لما يتناقله البعض، تخفي هذه الغرفة مقتنيات نادرة ووثائق تاريخية مهمة تعود إلى العائلات التي سكنت القصر، لكن يبقى السؤال المحير: لماذا لم يُحاول أحد فتح هذه الغرفة حتى الآن؟ وما الذي يكمن خلف ذلك الباب الصامت؟
في إحدى صالات القصر الفاخرة، تتوسط الجدار لوحة زيتية ضخمة تجسد وجهًا يبدو مألوفًا ولكنه يحمل نظرة غامضة، ويُقال إنه عند التحديق فيها لفترة طويلة، تتغير ملامحها تدريجيًا، وكأنها تعيد تشكيل نفسها، كما أن بعض الزوار يؤكدون أنهم رأوا ظلالًا خفيفة تتحرك داخل إطار اللوحة، فيما يعتقد آخرون أنها قد تكون مدخلًا خفيًا لممر سري داخل القصر لم يُكتشف بعد.
يقف قصر زيزينيا شامخًا في قلب الإسكندرية، شاهدًا على تاريخٍ زاخرٍ بالأحداث والتحولات، ومنذ لحظة تشييده في القرن التاسع عشر، كان هذا القصر رمزًا للفخامة والرقي ومقرًا للنخبة ومسرحًا للرفاهية والاحتفالات الباذخة، إلا أن عجلة الزمن لم تمهله كثيرًا، فتحوّل من تحفةٍ معماريةٍ نابضة بالحياة إلى مبنى تحيط به الغموض والأساطير، مما جعله أحد أكثر المعالم إثارةً للفضول في المدينة.
أسّس قصر البارون جيوفاني زيزينيا، أحد كبار تجار القطن في مصر، ليكون مقرًا لإقامته ومكانًا لاستقبال كبار الشخصيات من سياسيين وأدباء وفنانين، وبُني القصر بطرازٍ أوروبي كلاسيكي، تزيّنت جدرانه بنقوشٍ ذهبيةٍ دقيقة، وزُيّنت أسقفه بثرياتٍ كريستاليةٍ ضخمة، بينما امتدت أراضيها الفسيحة بأجود أنواع الرخام المستورد.
في أوج ازدهاره، كان القصر أشبه بقطعةٍ من أوروبا داخل الإسكندرية، حيث احتضن حفلاتٍ ملكية وسهراتٍ لا تُنسى، عزفت فيها الموسيقى الأوروبية وتهادت بين أروقته أرقى الأزياء وتزاحمت موائده بأشهى المأكولات والمشروبات، غير أن بريق هذه الحياة الثرية لم يكن ليبقى إلى الأبد، فقد عصفت به رياح التغيير التي غيرت وجه القصر تمامًا.
لم يكن القصر بمنأى عن التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها مصر في القرن العشرين والتي أفضت إلى أفول نجم العائلات الأرستقراطية، فتراجع مجد القصر رويدًا رويدًا، وأُغلقت بعض أجزائه، وهُجرت غرفه واحدةً تلو الأخرى، وباتت معالم الفخامة التي زخرفت أركانه في الماضي تحمل آثار الزمن، فيما تحوّل إلى مبنى تحيط به الهالة الغامضة بدلًا من الأجواء الاحتفالية.
اليوم، لم يعد القصر كما كان يومًا ما، فصدى الخطوات التي كانت تتردد في أروقته استُبدل بصمتٍ ثقيل لا يقطعه إلا حكاياتٌ تتردد عن أسراره الدفينة، وهناك من يزعم أن القصر لا يزال يخفي غرفًا لم تُفتح منذ عقود، وربما تضم مقتنياتٍ ثمينة أو وثائق ذات أهمية تاريخية، بينما يروي آخرون قصصًا عن أصواتٍ غامضة وأضواءٍ خافتة تظهر في جنباته مع حلول الليل، ما جعله مقرًا للأساطير أكثر من كونه أثرًا معماريًا عريقًا.
لم يكن قصر زيزينيا مجرد معلم أثري يروي تاريخ الإسكندرية، بل امتد تأثيره ليصبح جزءًا من عالم السينما المصرية، وبفضل تصميمه الفخم وتفاصيله المعمارية التي تعكس عبق الماضي، تحوّل القصر إلى خلفية سينمائية مثالية للعديد من الأفلام والمسلسلات، لا سيما تلك التي تناولت حياة الطبقة الأرستقراطية المصرية والتغيرات التي طرأت عليها عبر الزمن.
بطرازها الأوروبي الممزوج بلمسات شرقية، كان قصر زيزينيا اختيارًا طبيعيًا لتصوير الأعمال الفنية التي تدور في أزمنةٍ مضت، لطالما جسّدت أروقته الواسعة وسقوفه المزينة بالثريات الكريستالية مشاهد تعكس حياة الباشوات والنبلاء، حيث كانت الكاميرات تتجوّل بين أروقته لتنقل للمشاهدين أجواء الحقبة الملكية بأدق تفاصيلها، وقد ظهر القصر في عدة أعمال سينمائية ودرامية عكست ملامح الحياة الاجتماعية قبل أن تعصف بها التغيرات السياسية الكبرى في منتصف القرن العشرين.
من بين الأعمال التي ارتبطت باسم قصر زيزينيا، يبرز مسلسل زيزينيا كواحد من أهم الإنتاجات الدرامية المصرية، رغم أن التصوير لم يتم داخله بالكامل، إلا أن روح القصر ألهمت أجواء العمل، فحمل المسلسل اسمه وعكس تفاصيل الحياة في الإسكندرية خلال فترة الاحتلال الإنجليزي،من خلال شخصياته وأحداثه، سلط الضوء على التداخل الثقافي بين المصريين والجاليات الأجنبية التي كانت تسكن المدينة، وجسّد الصراع بين الطبقات المختلفة في مجتمع آخذ في التغير.
ويمكنكم معرفة عجائب الربع الخالي.
يقع قصر زيزينيا في الإسكندرية في محطة الرمل.
قام الكونت اليوناني استيفان زيزينيا بتشييد قصر الصفا في الإسكندرية، ثم اشتراه محمد علي لاحقًا وأعاد بناؤه.
تضم الإسكندرية مجموعة من المعالم المميزة، من بينها قصر المجوهرات الملكية، الذي يعكس فخامة العصر الملكي وقصر الأميرة عزيزة فهمي، الذي يُعد تحفة معمارية راقية، كما تحتضن المدينة متحف محمد سعيد، الذي يروي تاريخ الفن المصري ومكتبة الإسكندرية التي تُعد منارة ثقافية عالمية، ولا تكتمل جولة في الإسكندرية دون زيارة فندق بلازا.
ختاما، يُعد قصر زيزينيا من أكثر المعالم السياحية المميزة والغامضة في مصر وبالأخص محافظة الإسكندرية، مما يجعلها واحدة من أهم الأماكن التي يفضل الناس زيارتها لمحاولة اكتشاف غموض الأماكن بداخلها.
أقرا ايضا